أرثوذكسي؟ أم مسيحي أرثوذكسي ؟

من السهل أن تكون أرثوذكسياً ولكن ليس من السهل أن تكون مسيحياً أرثوذكسياً.

الأرثوذكسي قد يعلو في نظر نفسه والناس فيصير عالم لاهوت أو حارساً للإيمان أو ديّاناً للخاطئ وغير العارف أو حافظاً للكتاب المقدس من "الجلدة إلى الجلدة" ولكن "كمن يسير في النار" وناره تكون نفوس الناس التي يهلكها لأنه جعل من نفسه هدف الإيمان وليس مطيّته أو خادماً له.
الأرثوذكسي يحفظ القوانين والحجج ويلمّ بتاريخ الكنيسة وتعاليم الآباء والخلافات العقائدية بأصغر تفاصيلها، كما ويعرف بالأصوام والصلوات ومعانيها ، ويعرف أيضاً كيف يوبخك إن لم تعرف كل هذا ولكنه ينسى أن الفريسيين عرفوا وفعلوا كل هذا ولكن هذا كله لم يُدخلهم الملكوت.
الأرثوذكسية هي الجسد ولكن المسيحية هي الروح التي تحيي الجسد وترفعه إلى الملكوت حيث ينتمي. الجسد بدون الروح مائت وسيبقى في هذا العالم المائت. هذا كان لبّ صراع الرب مع الكتبة والفريسيين الذين أفرغوا الجسد من الروح وأفرغوا الشريعة من الحياة يوم تركوا المسيح خارجها.
ليس بالأصوام والصلوات يأتي الخلاص، فثمة من يصوم ويصلي للشيطان أو لفلسفات واعتقادات غريبة ولكن معرفة المسيح تقودك إلى معرفة نفسك المخلعة فتصوم لتخلي نفسك من نفسك وتصلي ليأتي الرب ويسكن فيك فتلبسه لتصيرعلى صورته وجماله مجدداً.
الأرثوذكسية بدون المسيح هي تقاليد وأعراف وأسلوب حياة تنتمي لهذا العالم بينما المسيحي الأرثوذكسي هو ذاك الذي بعد أن لبس المسيح عاش استقامة العقيدة التي لا خلاص بدونها. هو ذاك الذي صار مسيحاً واستقام في الأرثوذكسية الطاهرة ، أي في حسن العبادة والإيمان القويم فكان رحمة للناس ومثال حياة في الغفران والمحبة والتواضع والسيرة الحسنة فصار مسيحاً آخر على صورة وجمال معلمه.
كم محزن ما نراه على الفايسبوك وصفحات التواصل الإجتماعي من حروبات صليبية جديدة بين أبناء الإيمان الواحد.
أبناء بولس يرشقون أبناء أبُولّس وأبناء بطرس يغارون من أبناء يوحنا والجميع نسي أنهم أبناء المسيح أولاً. كلهم أرثوذكسيون ولكن هل كلهم أرثوذكسيون مسيحيون ؟
"الويل لمن تأتي على يده العثرات". الكنيسة لها راعٍ واحد يرعاها بالروح القدس ولم يجعل أياً منا راعياً على حسابه من دون نعمة روحه القدوس التي ترعى برأفه ومحبة وطول أناة وبدون شماته.
الأرثوذكسية بدون المسيح هي امتداد لعمل الشريعة وإنكار للتجسد والموت والقيامة والعنصرة أما المسيحية الأرثوذكسية فهي امتداد الملكوت وميدان عمل الروح القدس.
فليرحمنا الرب ويجعلنا امتدادا لعمل الروح وليس مستغلين له لمجدنا الخاص ولمملكة العالم.


ألأب ثيوذورس داود.

Comments

Popular Posts