الغراب والحجل

من الأمثال التي أحب :" جرّب الغراب يقلّد مشية الحجل، ما عرف مشيها ونسي مشيتو. "

ثمة أمور تؤرقني. تطفو على السطح بين الحين والحين وأنا لا أجد فهماً لها ولا أظن أني سأجد حتى ولو بعد حين.

ما الذي يمكن أن يجمع بين من تربى على الكبة النية والكشك والتبولة والدبكة وأبو الزلف وفيروز والعائلة والأصول والتقاليد وبين من تربى على الهوت دوغ وماكدونالدز والهارد روك ومايكل جاكسون وغاغا واللا أصول واللا تقاليد واللا عائلة ؟؟؟

ما الذي يمكن أن يجمع بين النور والظلمة وبين الحق والباطل وبين ما بطعم وا ليس بطعم ؟؟؟

من قال إن الله أو المنطق يريد أن يكون جميع الناس متطابقين وإن كان هذا هو المطلوب سيتسابقون على أي تقليد أو عادات أو طرح أو حق أو باطل؟؟

لا أفهم ما دخل أهل بلادي بعيد بالهالوين ؟ ما دخل أبناء النور بأعياد الظلمة؟

لماذا ننظر إلى كل ما يأتي من الغرب كأنه آت من السماء أو كأنه سنّة يجب أن يقلدها الجميع؟متى سنتخلى عن عقدة النقص التي زرعها فينا الاستعمار ؟

بعد كل المصائب التي حلّت بنا، ألم نسترجع بعد شروال جدنا من برج أيفيل أو لندن أو نيويورك ؟ منذ متى كنا كمشرقيين نستحي أن نقول ميلاد مجيد؟ أو المسيح قام أو الله معك، ألله يحفظك أو مرحباً أي الله محبة، أو صباح الخير وصباح النور. ما دخلنا في happy holidays و happy Easter و happy Halloween و هاي وباي ؟

ما ارتباطي التاريخي في ال halloween ? من من أجدادي أسسه أو أكرمه؟ العيد أُسس لاحتقار المسيحيين وقديسيهم فماذا جرى لكم أيها المسيحيون، يا أبناء المسيح حتى تتبنوا أعمال الظلمة لتسخروا بها من قديسيكم وتاريخكم وكرامتكم؟؟ هل هذا ما عَلَّمَه الذهبي الفم؟ هل هذا ما نادى به باييسوس ؟ هل هذا ما عاشه شربل؟ وندّعي أننا مسيحيون ونهرول إلى الأديار للصلاة وساعة تأتي التجربة ترانا أقبح الناس في الشوارع وعلى صفحات الفيسبوك نرتدي أزياء من جهنم شيطانية ودموية ونسابق بها الغرب وأهل الغرب. لقد صرنا عاراً للأمم. وتسألون ماذا يحل بنا ولماذا تخلّى الله عنا؟

نحن من تخلّى عن الله.

ماذا تريدون من الغرب ولماذا تلهثون وراءة؟ ألا تقرأون عن نسبة الناس الذين يتناولون المسكنات وأدوية أعصاب؟ ألا تقرأون عن نسبة المنتحرين ؟ ألم تسمعوا أن الله في الغرب مُنع من المدارس والجامعات والحياة الإجتماعية؟

الغرب أفلس روحياً وأخلاقياً وعائلياً. ليس لأمريكا ماضىٍ ولا تقاليد ولا أصول أنها أرض العمل وجمع المال لدرجة العبادة ثم لاستعماله في استعباد الشعوب . هل هذا ما نحن نريد كمشرقيين؟ هل هذا ما أوصانا به المسيح. هل بهذا نكون نوراً للعالم؟

إننا ننحني للديمقراطية للتطور التكنولوجي والتنظيم الذي أدركه الغرب وهذا قد يكون السبب الوحيد الذي يجب أن نتمثل به ولكن أن لا نأخذ من الغرب إلا ما كان السبب في تدميره وبالتالي سيدمرنا، هذا ما يحيرني ويحيّر كل من الغرب تائقٌ لروحانيتنا ولحياة العائلة التي هي أساس بنية مجتمعنا المشرقي.

الألاف من الأمريكان يقبلون إلى الأرثوذكسية في عطش للروحانية المشرقية ولتقاليدنا التي هي حياة الكتَاب المقدَّس، ونحن نتهافت لنأكل ما سقط من موائد تفاهة أعيادهم وتقاليدهم. هل هذا ما دعانا الرب لأن نكون ولأن نُعلِّم أبناءنا؟

ما الإرث الذي سنتركه لهم؟ شرق؟ غرب؟ نور؟ ظلمة؟ ليتنا نحن نضرس الحصرم بعد أن أكلناه ولا نتركه لهم. ليتنا نسعى لأن نترك لأولادنا وسمعتنا بعض العنب الذي قد يعصره الرب فيهم خمراً يفرّح قلب كل إنسان ضالٍ بعد أن يجد من خلالهم الخلاص.

الحجل حجل والغراب غراب. دعوا الغراب غراباً ودعوا الحجل حجلاً.أنتم أجمل من الحجل، أنتم أجمل من الطاووس، أنتم ألوان الجنة ورائحتها في العالم، أنتم شعب الله الذي أفتداكم بدم ابنه على الصليب.


العالم أفقر من أن يُغنيكم.

ليتكم تدركون من أنتم.


ألأب ثيوذورس داود