يوم كنت البابا

يوم كنت البابا
March-10-2015
يا له من يوم، كم من الغبطة والأمل والألم جلب لحياتي.
هل تتخيل هذا المجد؟ تنام وتصحى "بابا" ؟
أعطوني العصا فرميتها وقلت أملك يميني، أعطوني التاج فرميته وقلت أملك هامتي، جلبوا الرداء فأرسلته إلى جارتي الأرملة راحيل لتغطي أبناءها من برد الحياة كما وأرسلت لها الخاتم لتبيعه وتشتري فيه طعاماً لهم قبل أن يموتوا من الجوع. راحيل جارتي كانت عراقية هُجّرت مؤخراً من نينوى مع أبناء كثيرين.
بعد أن فعلت هذا شعرت بقوة انسكبت عليّ من العلاء فأذا بي أنتصب راكضاً إلى غرفة مساعدي متى وصرخت فيه : أترك دفتر الحسابات من يدك حالاً وادع إلى اجتماع عام للكرادلة هذا المساء واتصل برؤساء الكنائس المسكونية وادعهم إلى مجمع مسكوني غداً عند الثانية عشرة ظهراً. فأجابني مرتبكاً حسناً يا صاحب القداسة سأدعو الكرادلة الآن لكن كيف سيتمكن رؤساء الكنائس إن يصلوا إلى روما غداً عند الظهر؟ قلت له: إفعل ما أمرتك به.
لم أكن نفسي، لم أكن أنا المتكلم ، كنت أشعر بقوة الروح تنطق فيّ ولم أستطع أن أصدّ إرادة الروح.
عند السادسة مساء كان جميع الكرادلة بانتظاري مستغربين سبب هذا الاجتماع الطارئ وهذه الدعوة الغريبة.
وقفت على أعلى منصّة وصرخت بصوتي قائلا ً :
هذا ما يقوله الروح وهذا ما ستفعلون، غداً صباحاً سأعطي أمراً ببيع تسعمائة ألف عقار من أصل المليون عقار التي تملكها الفاتيكان فقط في روما ليُوزّع ثمنها على فقراء الأرض والمشردين والمهجرين ولتعليم أطفالهم وتهيأتهم ليبنوا مجتمعاً إنسانياً قائماً على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية ، أما باقي العقارات المئة ألف فستستعمل لفقراء روما وأوروبا الذين ينامون في الشوارع ولمساعدة الفتيات اللواتي تورّطن في الدعارة والمخدرات ليعودوا ويصيروا نساءً وأمهاتٍ وسبب حياة لنفوس كثيرة وليس سبب موت.
أما أنتم يا أحبة، فستعودون إلى بلدانكم وتفعلون نفس الشيء، وخاصة في الشرق حيث كنائسكم والكنائس الشقيقة تملك ملايين الأمتار المربعة، قسماً توزعونه على الفقراء وقسماً على المهجرين الذين طردوا من بيوتهم وكنائسهم وقسماً ثالثاً تعلّمون به أبناء الفقراء في مدارس مجانية ثم تبنون لهم شققاً يشترونها بأسعار رمزية مقسطة حتى لا يهاجروا ويتركوا أوطانهم. إن هاجروا لن يبقى شعباً لتكونوا رعاةً عليه. ستصيرون رعاة ً بدون رعية ونواطير أملاك وحرّاساً للحجارة. هذه الأوقاف يا سادة هي تقدمات آبائهم لأمهم الكنيسة حتى تهتم فيهم وقت الضيق، ولن يكون ضيق أشدّ من هذا.
هذا القرار سيسري على باقي الكنائس الشقيقة فأنا غداً سأرأس مجمعا ً للوحدة وسأطلب من رؤساء باقي الكنائس أن يفعلوا نفس الشيء.
أما عن حياتكم الخاصة كراعاة لشعب المسيح فهذا ما يقوله الروح: ......... ........ .......... فالويل لمن تأتي عن يده العثرات. هذا كل شيء لهذا اليوم، ثمة اجتمعات قادمة حيث سأتابع هذه المواضيع.
أذكر أني لم أنم تلك الليلة، كنت أبكي من شدة الغبطة وعدم الاستحقاق وكنت أردد في قلبي ما قاله بطرس "إذهب عني يا رب فإني رجل خاطيء".
وفي اليوم التالي كان اليوم الكبير. جميع رؤساء الكنائس الرسولية اجتمعوا وكان الروح قد هيّأهم لكل شيء.
وقفت أمام الجميع وقلت: أنا بابا روما أطلب منكم يا إخوتي أن نتوحّد لأن الرب أرادنا واحداً ولتكن الوحدة بالمحبة على أساس العقيدة. نعود إلى الألف الأول وليسامحنا الله على كل ما ارتكبه أسلافنا في الألف الثاني. مجد الله أهم من أمجادنا وكرامة دم المسيح أكرم من كراماتنا. جميعنا خاسر والشرير هو الرابح الوحيد، رعيتنا تأكلها الذئاب من كل صوب ونحن صرنا عاجزين أن نحميها لأننا تفككنا وابتعدنا عن الله وبالتالي ابتعد الله عنا.
قبل أن أنهي كلامي علا تصفيق في القاعة وظهر نور قويّ وسمعنا جميعاً صوتاً كالرعد:" هؤلاء هم أبنائي الأحباء الذين بهم سُررت."وكان بيننا بكاءٌ ونحيب وفرح.
كانت الأمور تحدث بسرعة فائقة وكأنها تسير خارج معايير الزمان. أذكر تماماً أننا يداً بيد مع ملايين من رعايانا والملائكة نغلق عواصم القرار في العالم ، نُسقط رؤساءها المصنوعين من الباطل والورق وفجأة، توقفت الحروب وبطُلت المجاعات وانتشر السلام لأن إله السلام حضر بيننا ففاضت وجوه المسيحيين في العالم نوراً جلبت كل الأمم إلى نور المسيح كما حصل في القرون المسيحية الأولى.
كان نهاراً طويلاً وشاقاً، كل ما أذكره أني كنت منهكاً واحتجت إلى نوم عميق ونمت. ليتني لم أنم، لأني حين استيقظت لم أعد بل وجدت نفسي في فراش عادي وقد تأخرت عن سحرية قداس الأحد في كنيسة بلتيمور حيث أخدم ككاهن، فبكيت.
كم كان جميلاً يوم كنت البابا.
ألأب ثيوذورس داود

Comments

Popular Posts