عبادة الكلمة أم عبادة الكلمة.

الكلمة (في المذكر) The Word هو منطوق الله أما الكلمة(في المؤنث ) The word فهي منطوق البشر. كلمة الله جدير بالعبادة لأنه الله نفسه،ألله في الجسد. كلمة الله هو فيض محبة الله التي انسكبت في مريم لتثمر حياةً وحباً وخلاصاً، أما كلمة البشر فهي فيض أهواء البشر وهي مهما عمُقت أو علت أو تبرّجت فهي -إن لم تكن موحاةً -تقود إلى الموت لإنها نتاج الإنسان المائت وعبادتها ضلال.

المسيحي لا يعبد إلا الله. كلمة الله- المسيح- هو ظهور أو تجلي الله للبشر على مقدار استطاعتهم أن يروه. كلمة الله هو انعكاس مجد ومحبة وطول أناة الله وغفرانه. أما كلمة البشر وإن تزيّنت بالعلم والمعرفة والفلسفة والتقوى فتبقى كلمة بشرية والبشر مائتون وكلامهم - إن لم يكن من الله- يميت.
لقد كبرت على مطالعة كتب أساقفة فلاسفة ومتفلسفين وعظات كهنة أكثر تفلسفاً ووقعت في غرام فن الكلمة والكلام وسكرت على وقع القوافي والإعراب وتمجيد الكلمة إلى درجة العبادة وها أنا اليوم أقول ليتني لم أقرأ كتبهم ولم أسمع كلامهم ولم أرى أفعالهم لأن في معظم ما قرأت وما سمعت وما شاهدت لم أجد الكلمة الذي كان في البدء والذي كان الله. لم أجد لا المحبة ولا المسامحة ولا الرأفة ولا الفضيلة بل "صف كلام".
من عرف كلمة الله عرفه بروح الله، بالروح القدس، والروح القدس يجعل من المؤمنين وبخاصة الرعاة هياكل له تفيض بالنور، بالمحبة، وبالغفران والجمال والخير. إنه لأمر محزن أن المسيحيين وخاصة الرعاة منهم صاروا يقيَّمون بمقدار علومهم وثقافتهم واللغات التي يتقنون وليس بمقدار الفضيلة والتواضع ومعرفة لغة الروح التي أتقنها صيادو السمك والآباء ومتواضعي القلوب الذين لم يفتخروا إلا بصليب المسيح.
إنه لأمر محزن أن نشهد في حياة الكنيسة وخاصة على صفحات التواصل الإجتماعي رعاة تثقّفوا فأثمروا مقالات أو تعليقات إستفزازية ومماحكات هذيانية وصبيانية ليُطلقوا حروب الكلمة والكلمة المضادة والتشهير والتخوين والتحجيم والتعالي والتكفير والقتل المعنوي والروحي تحت مسمى محبة الكنيسة ومحبة الرب.
فليرحمنا كلمة الله الرب القدوس ويجعل منا كلمة صالحة وعظة حيّة ومشروع خلاص للآخرين ولأنفسنا لأن " الويل لمن تأتي على يده العثرات."


ألأب ثيوذورس داود

Comments

Popular Posts