المسيحية والحروب

إن أول حرب منذ بدأ الوجود أعلنها عدو الخير وكانت حرباً ضد الله نفسه حيث أراد التطاول على الله فطُرد من الملكوت ، وبعدها حارب الله بأحسن خلائقة، ألإنسان فسبب له السقوط والطرد من الملكوت. إنها الحرب الأزلية الأبدية غير المنظورة وكل حرب منظورة هي امتداد لها، إنها حرب الشر ضد الخير التي فرضت بالمقابل - كرد فعل - حرب الخير ضد الشر وهذا ما نسميه بالحرب المقدسة. كل حرب أخرى عبر التاريخ لا تبتغي الخير وتجلى مجد الله في المنظور وغير المنظور هي حرب شريرة وإن تقنّعت بأسماء مسيحية أو صليبية أو كنسية. ألإنسان لا ينفك يستغل اسم القدوس لغاياتة الشريرة.

ربنا هو رب السلام والخير والجمال وهو نفسه رب الجنود والقوات. عندما رمى لوسيفوروس خارج الملكوت لم يرسل له بطاقة بريدية ولا رسالة على الفايسبوك يترجاه أن يترك الملكوت. أرسل إليه رئيس الملائكة جبرائيل - جبروت الله وقوته- (فمسع رقبتو) وجرّه من رقبته ورماه في الهاوية. روح القداسة هي رفض الشر بأية طريقة ليبقى الله سيداً على خلقه وخليقته وليبقى الحق والخير والجمال رجاءً للبشرية.

كل شر في العالم هو امتداد لعمل الشرير وكل خير في العالم هو امتداد لصلاح الله وعدله. في المعمودية نحن لا نرفض الشيطان فقط بل نرفض كل أعماله وأباطيله. حروب الأرض ومسببيها وأدواتها هم عائلة الشيطان وأهل بيته وعدل الله لا بد أن يسحق رأس الحية في العالم ولاحقا في الملكوت حيث يسود المسيح وتسجد له كل ركبة في السماء وعلى الأرض.

ليس للمسيحي كفرد أن يقتل أو يكره أو أن "يضرب كفاً "بل عليه أن يحب عدوه وأن يموت من أجله ليس ضعفا أو عجزاً بل بفيض المحبة التي زرعت فيه بالمعمودية وأملاً في جذبه للخلاص. أما الكنيسة كجماعة فهي صورة الملكوت القادمة وكرامتها من كرامة خالقها وحقها في الحياة أعطي لها من فوق وليس لأحد من أسفل أن يأخذ منها هذا الحق.

هذا لا يعني أن الكنيسة لها الحق بإعلان الحروب والقتل والتدمير كما فعل"الصليبيون" فأساؤوا إلى إله المحبة والسلام فأعلنوا حروباً بشرية وسخة إجرامية إقتصادية تحت إسم الدين. في هذا الإطار نعم نقول ليس من حروب مقدسة لكنها هنا لم تكن مقدسة، سمّيت مقدسة لتغطي وجهها الشريرالذي استعمل اسم لأهداف البشرية الساقطة.

بأي سلطان طرد الرب يسوع الشياطين وسمح لهم أن يذهبوا إلى قطيع الخنازير، بأي سلطان اقتحم الجحيم ثم قام في اليوم الثالث مظفّراً؟ كيف حكم الأباطرة المستقيمو الرأي الإمبراطورية ودافعوا عنا؟ برش الزهور على الأعداء ؟ كيف أعاد الإمبراطور هيرقل عود الصليب الكريم -شرف الكنيسة- من الأعداء؟ أِبرَش الياسمين أو بمقالات الفيسبوك الفارهه؟

شعار القسطنطينية كان نسراً ذا رأسين يرمزان إلى البطريرك والإمبراطور، أي الى السلطة الروحية والسلطة الزمنية والسيف في اليد اليمنى رمزا للقوة العادلة الضابطة حضور الله في ملكه بحسب مشيئة وليس بحسب مشيئة البشر.

في القداس الإلهي نصلي لملوكنا الحسني العبادة ولجيشنا ومن أجل أن يؤازرهم الله في كل عمل صالح. وفي طروبارية عيد الصليب نقول:" ............ إمنح ملوكنا المؤمنين الغلبة على البربر." كيف ؟ هل نصلي ليرشوا على البربر الأرز والسماق ؟

القديس جاورجيوس والقديس ديمتريوس والقديس ثيوذورس وجميع القديسين الحسني الظفر لم يكونوا بائعي زهور كانوا جنودا وضحوا بحياتهم شهادة للحق في وجه الباطل. هل انتهى زمن الشهداء؟ هل اختفى الشر وأتباعه من الأرض ؟ طالما وُجد الشر لا بد أن يوجد الجيش الذي يحمي المملكة. طالما لوسيفوروس يعمل من خلال أتباعه لا بد لجبرائيل أن يعمل من خلال أبناء الملكوت ومن خلال كل محب للعدل وللخير والسلام في العالم وإن لم يعرف الله.

مشكلتنا نحن المسيحيون أننا فقدنا إمبراطوريتنا وصرنا شتاتاً وأقلية في العدد وقد بلعتنا الرمال وأيبست كرمتنا وأفسدت قمحنا ، لذا ترانا ضائعين في شرح مفهوم الحق والدفاع عن الحق وعن الحياة.

حرب المسيحي كفرد هي ضد الخطيئة ومسببها أي الشيطان، أما حربه كمواطن هي حرب دولته ضد كل ظلم وعدوان

وبربرية ، إنها حربه ضد أتباع الشيطان.ليس للكنيسة أو للدولة المسيحية الحق أن تعلن حرباً على دول لكن لها كل الحق أن تدافع عن نفسها ورزقها وعرضها وعن حقها في الحياة. الحق في الحياة هي نعمة من الله وليس لأحد أن يحرم إنسانا من هذه النعمة.

يكفي خنوعاً ويكفي تمسيح جوخ ولنعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله. الكنيسة لم تكن يوما ولا يجب أن تكون مكسر عصا الكنيسة هي عروس المسيح وليست مأوى للجبناء.

ثيوذورس

" من يريد أن يرجمني أو يشتمني بعد هذه المقالة فالرجاء أن يفعل ذلك على الخاص حتى لا نعثر الإخوة الصغار".

مع محبتي

Comments

Popular Posts